مستقبل الذكاء الاصطناعي:
نرحب بكم زوار موقع تزودنا الموقع التعليمي والثقافي، والسياحي، الذي يزودكم بالمعلومة الصحيحة والهادفة في كل ما تحتاجون إلية، وتبحثون عنة على محرك بحث جوجل،ونزودكم من خلال هذة المقالة بـ:
مستقبل الذكاء الاصطناعي آمال ومخاوف
لقد نبع الذكاء الاصطناعي نتيجة جهود كبيرة وفي ميادين علمية متعددة.
وعندما بدأت نتائج هذه الجهود في الظهور أصبح جلياً أن تأثيراته تعدت الميدان العلمي لتمس جانباً كبيراً من مجالات الحياة اليومية والتسارع الواضح الذي نشهده في تصنيع تقنية جديدة وذكية بدأ يطرح موضوعاً غاية في الخطورة وهو موضوع الجانب الأخلاقي والمعنوي ومدى تأثير التقنية الجديدة في مستقبل البشر.
وتجاه هذا التطور الجديد انقسم المهتمون بالموضوع إلى قسمين:
قسم يرى أن هذه الآلات الذكية ستصل في النهاية إلى تحطيم حياة الإنسان والسيطرة على العالم، وتصل إلى مرحلة من التطور يصعب معها على الإنسان التحكم فيها. وقسم آخر لا يرى في الأمر خطورة، بل بالعكس يتطلع إلى مستقبل فيه من الرفاهية الشيء الكثير لما ستوفره الآلات الذكية من يسر في كثير من مجالات الحياة. الجدير بالذكر هو أن عدداً كبيراً من عناصر القسم الأول هم من صانعي هذه الآلات والعاملين في المجال.
فيما يلي سنطرح وجهتي النظر ونترك للقارئ الحكم، مع الإشارة إلى أن الموضوع معقد جداً رغم بساطته الظاهرية ويحتاج إلى تفكير عميق ودراسة متأنية.
- الذكاء الاصطناعي تقنية الدمار الشامل:
كانت الآلات الذكية والروبوتات العبقرية موضوعاً مسلياً لأفلام الخيال العلمي لم يكن لها هدف سوى تقديم أرباح كبيرة في دور السينما من خلال إطلاق العنان للخيال البشري، لكن اليوم وبمتابعة ما يجري في هذا الميدان بات تحقيق هذه الآلات غير بعيد والمحاولات الأولى في هذا الطريق كللت بالنجاح وقريباً قد يصبح الخيال العلمي واقعاً علمياً، فإذا ما تواصل هذا النجاح سيجابه العالم مخاطراً كثيرة في هذا القرن قد تؤدي لأن يصبح الإنسان البشري عبدا يخدم الإنسان الآلي، فإذا ما نجح العلماء في تطوير آلات ذكية جداً، سيكون لنا خياران لا ثالث لهما. أما الخيار الأول فهو أن نترك للآلة حرية اتخاذ القرار منذ البداية وبهذا نفقد السيطرة على مجريات الأمور، ولا أحد يدري في هذه الحالة إلى أين ستسير بنا الآلات، فهي التي تخطط ونحن ننفذ دون وعي أو تفكير وبهذا الخيار يصبح الإنسان بلا إنسانية و قد يرى البعض أن هذا الخيار غاية في السذاجة فليس هناك إنسان بالغباء الكافي الذي يجعله يسلم أمره لآلة حتى وإن كانت غاية في الذكاء إن الأمر ليس بهذه البساطة. ففي المستقبل غير البعيد، سيصبح العالم في غاية التعقيد إلى درجة يصعب على الإنسان مجاراة الأمور ويستسهل على نفسه الاستعانة بالآلة والقبول بقراراتها، وشيئاً فشيئاً يكون لها القرار الأول والأخير ويزيد العالم تعقيداً.
وفي ذلك الوقت يصبح الاستغناء عن الآلة ضرباً من الانتحار، ولو التفتنا قليلاً إلى الوراء قبل التلفاز والسيارة، والمكيف، والهاتف، والثلاجة وغيرها. وقارنا تلك الأيام باليوم سنرى مدى تعلقنا بالآلة على الرغم من أن آلة اليوم لا تملك من الذكاء شيئاً ولا تصنع القرار. آلة المستقبل القريب أكثر إغراء وأكثر قوة.
أما الخيار الثاني فهو الا نسلم مقاليد الأمور للآلة ويكون للإنسان السيطرة على عدد من الآلات الذكية التي تخصه مثل الآلات المنزلية والسيارة، والحاسوب وغيرها.
في هذه الحالة ستكون الآلات الأكبر والأقدر والأذكى عند عدد صغير من الناس وهم النخبة، وهنا - رضينا أم أبينا - ستكون هذه النخبة - على خُلق كانت أم لم تكن تملك موازين القوى وتتحكم في مصير العامة بما تملكه من تقنية غاية في التعقيد والذكاء، ويتحول الناس إلى خدم يخدمون أصحاب القوة وهم قلة، ولما في طبيعة البشر من أنانية وطمع وحب للذات ليس من الصعب أن نتخيل العواقب الوخيمة لهذه الطبقية التكنولوجية.
إذا، في صورة الوصول للآلات الذكية التي سعى إليها العاملون في ميدان الذكاء الاصطناعي سيكون أمام البشرية خياران أحلاهما أمر من المر. فالأمر هنا يتعلق بمستقبل البشرية ويجب أن يؤخذ مأخذ الجد فإمكانية أن يتفوق الرجل الآلي على الإنسان أمر في غاية الخطورة ولا يمكن تجاهله حتى وإن كان مستبعداً. وما من إنسان في يومنا هذا قادر على الجزم بالاستحالة. وما دامت الإمكانية موجودة فهناك خطر محدق.
سيكون من الصعب على الشخص العادي أن يحس بالخطورة والدليل على ذلك أنه رغم تسارع التطورات في ميدان الذكاء الاصطناعي قليل من تحدث عن المخاطر التي تنتظرنا في المستقبل وهذا أمر طبيعي لسببين مهمين أولهما أن الإنسان العادي يتعامل مع هذه الأشياء من بعيد ويعتبر نفسه غير مسؤول عن تفاصيلها وآثارها ومستقبلها ولا يشغل نفسه بذلك، فلو أخذنا مثلاً الهندسة الوراثية وتعاملها مع أقرب الأشياء للإنسان ألا وهو الغذاء، فقد جاء هذا الميدان ليحدث ثورة في الميدان الزراعي بتطوير عشرات الآلاف من المحاصيل الجديدة بالتلاعب بجينات المحاصيل الطبيعية.
ورغم ما في هذا من تعد على نواميس الكون لم يثر نقاشاً ولا بلبلة بل بالعكس وافقت وزارة الزراعة الأمريكية على ٥٠ محصولاً زراعياً. وأكثر من نصف المحصول العالمي من فول الصويا وثلث المحصول الزراعي من الذرة تحتوي على جينات غير طبيعية، وكذلك لم يكترث أحد أو ربما الكثير لم يكن يدري. لكن عندما جاءت قضية الاستنساخ والنعجة دوللي التي تصدرت الصحف وصارت حديث الناس واعتبره الكثير توظيفاً غير اخلاقي للتقنية.
فأين الفرق؟ فولادة دوللي جعلت الناس يحسون بخطورة ميدان الهندسة الوراثية رغم أن دوللي لن تمس أحداً بسوء لكن المبدأ نفسه هو الذي يرفضه الكثير.
وكما هو الحال دائماً لا نعرف عن الشيء وعن خطورته إلا بعد ما يصبح حقيقة، فهل ننتظر حتى نقرأ في الصحف عن ظهور أول رجل الي يفوق الإنسان ذكاءأغلب الظن أن الأمر سيكون كذلك.
السبب الثاني الذي يجعل من الصعب على الإنسان العادي إدراك مدى الخطورة التي قد تسببها الآلات الذكية على حياة البشر هو أننا تعودنا على قبول الاكتشافات الجديدة بسهولة. فكثرة الاكتشافات التي شهدها القرن العشرون جعلت تقبلنا لها - وربما ترحيبنا بها أمراً روتينياً لا يستدعي التفكير، لكن ما يجهله الكثير أن اكتشافات القرن الواحد والعشرين ليست من النوع الكلاسيكي، فالذكاء الاصطناعي والرجل الآلي والهندسة الوراثية تشكل خطراً أكبر من الاكتشافات التي سبقت، فمن المحتمل جداً أن تكون لها القدرة على التنسخ " والتضاعف التناسخي.
فالروبوت الجديد قد يصبح تلقائياً روبوتات ولم لا؟ وقد حصل هذا مع الجينات التي ابتدعها الإنسان ولنا في فيروس "الإبولا" ابلغ درس. ونحن مازلنا في طور كتابة هذه السطور بلغ إلى أسماعنا عملية استنساخ أول جنينين بشريين أحدهما برازيلي) والبقية قد تأتي مع أملنا بان لا تاتي.
كان القرن العشرون قرن أسلحة الدمار الشامل وقد يكون القرن الواحد والعشرون قرن معلوماتية الدمار الشامل " أو " تقنية الدمار الشامل"، ولنا في القرن الذي انقضى درس حري بنا ألا نتجاهله. عندما قاد الفيزيائي روبرت أوبنهايمر فريقاً من العباقرة لاختراع القنبلة الذرية لم يتوقف أحد من هؤلاء ولا من غيرهم ليتساءل عن جدواها. فقد كان خوفهم من هتلر أقوى من نزعتهم الأخلاقية والأدبية وبسرعة تم الاختراع، عند ذلك، أحس بعضهم بضرورة الوقوف عند هذا الحد، ولكن كان قد فات الأوان. فعدد من هؤلاء العلماء أغرته عبقرية الاختراع بالتمادي في هذا الطريق حتى النهاية وفي ٦ أغسطس ١٩٤٥م أُلقيت إحدى هذه القنابل على هيروشيما وأحدثت الدمار (شكل ۲ - ۸) وهزت الفاجعة أرجاء العالم. ولحقتها قنبلة أخرى على ناجازاكي بعد ثلاثة أيام فقط. ففي حين كان الكثير يعيش حالة من الرعب، كان هناك من يحس بحالة من الارتياح والفرح - فرح بنجاح الاختراع غاية في التجبر والغرور العلمي وبعد ثلاثة شهور يقف مخترع القنبلة الذرية ليقول: " من الاستحالة أن نكون علماء دون أن نؤمن بقوة العلم وأهميته للإنسان ودون أن نكون على استعداد لتحمل العواقب . فالنجاحات العلمية تغري العلماء بالتمادي حتى وإن كانت النتائج تخل بالأخلاق وتضر البشرية ولم يقف الحد عند القنابل الذرية فقد ظهرت أسلحة أخرى للدمار الشامل كالأسلحة البيولوجية والكيماوية.
فإذا كانت هذه الاختراعات في القرن العشرين شراً على البشرية فاختراعات القرن الواحد والعشرين أخطر بكثير. إن أسلحة الدمار الشامل كانت تحتاج إلى معلومات كبيرة وسرية وتحتاج إلى عناصر كيماوية نادرة ومـجـهـودات على مستوى الدول، وهذا ما حد من خطورتها لكن معلوماتية الدمار الشامل ستكون رخيصة متوفرة وفي متناول الجميع وهذه الآلات الذكية التي نرتقبها ستكون آلات للدمار إذا انهمك العلماء في العلم وتناسوا الأخلاق.
لقد دخلنا القرن الجديد دون رؤية مستقبلية واضحة. والأخطر من ذلك أن صانعي التقنية دخلوه بدون فرامل ومع العولمة والسوق الحرة من يمنع الشركات الكبرى من البحث عن الأرباح في آلات حتى وإن كان فيها دمار العالم ؟ لقد شهدت أسلحة الدمار الشامل سيطرة مطلقة من الحكومات وستشهد معلوماتية الدمار الشامل سيطرة مطلقة من الشركات التجارية وشتان بين هذا وذاك.