في تصنيف ثقافة بواسطة (1.3مليون نقاط)

ما هي الأسس الفلسفية لنقد ما بعد الحداثة

هناك عدة أسس فلسفية لنقد مابعد الحداثة هي: 

1- العدمية Nihilism، بمختلف أطيافها وتياراتها وسأركّز على العدمية الوجودية "Existential nihilism" بشكل أكبر .

وتعني : الحياة ليس لها معنى، وليس لها قيمة جوهرية كما يقول سارتر :"الوجود يسبق الجوهر، "لوحة صمت لهنري فوسيلي" 

‏يعرف قاموس أوكسفورد (Oxford Dictionary) العدمية (Nihilism) بأنها : 

The rejection of all religious and moral principles, in the belief that life is meaningless.

الترجمة : 

الرفض التام لجميع المبادئ الدينية والأخلاقية، والإعتقاد بأن الحياة لا معنى لها.

‏من الملاحظ أنّ تعريف قاموس أوكسفورد للعدمية أقرب منه للعدمية الوجودية على العدمية الأصولية التي شاعت على يد إيفان تورجينيف في روايته "آباء وأبناء 1862m" فقد استخدم العدمية لوصف العلوم الخام التي إعتنقتها شخصية "بازاروف" والتي تبشّر بعقيدة الرفض التام، ولم يُشر للعدمية الوجودية.

‏وكما أن طبيعة الأشياء تُعرَّف بنقائضها عبر التقسيم المنطقي لصراع الأضداد كما في جدلية هيجل، وما أقصده هنا أن التناقض يولّد المعنى، ف"الخير" لا يُعرف إلا بنقيضه "الشر" ولولا وجود الشر لما عرفنا الخير.

بمعنى آخر : لا معنى من دون الصراع ولا صراع من دون التناقض ولو كان جزئياً.

‏وبعبارة أوسع وأشمل، فالكون كلّه عبارة عن صراع سرمدي بين التناقضات والأقطاب (الموجبة والسالبة)، بل إن هذا التناقض والصراع هو الذي يولّد المعنى ليصبح جزءًا من الصيرورة الكونية السرمدية، مما يجعله المحرّك الأساسي للتاريخ والطبيعة والفلسفة.

‏في الفلسفة الأخلاقية كمثال نجد الصراع الأبدي بين الخير والشر، وفي الفلسفة الوجودية نجد الصراع الأبدي بين الوجود والعدم، وفي السياسة نجد الصراع الأبدي بين اليسارية الراديكالية واليمين المتطرف الخ.

وكذلك العدم والوجود، فالعدم هو الوجه الآخر للوجود وبه نعرف حقيقة الحياة.

‏بالنسبة لموضوع "الوجود والعدم" والذي يعدُّ من المقاربات الفلسفية الأنطولوجية، الواسعة والعميقة جداً ويعدّ مادةً دسمة للنقاش، وقد كتب عنه فلاسفة كبار مثل هايدجر الذي ناقش "الوجود والزمان" في أطروحة تحمل نفس الإسم، وهي دراسة أنطولوجيّة من خلال المنهج الفينموينولوجي الهوسرلي.

‏وشرحه أيضاً جان بول سارتر في كتابه "الكينونة والعدم" طبعا الوجود الذي نقصده هنا وجود الكينونة الواقعية، لأن الكينونة المثالية قد تكون أوهاماً مثل المُثُل العليا لأفلاطون فليس لها وجود حقيقي، سارتر في هذا الكتاب كان يؤكّد على أن الوجود يسبق الجوهر، أو أن وجود المرء يسبق ماهيّته.

‏وقد كتب الفيلسوف الروسي الثوري "الأناركي" ألكسندروفيتش باكونين مقولة يشرح فيها العدميّة وما زال هذا التعريف سائداً وتُعرَّف به إلى الآن.

فكتب يقول "دعونا نضع ثقتنا في الروح الأبدية التي تدمر وتبيد فقط لأنها مصدر الإبداع لكل الحياة، الشغف بالتدمير هو أيضا شغف إبداعي".

‏وقد برزت العدمية في القرن التاسع عشر في فرنسا على يد الأدباء والروائيين الفرنسيين مثل روايات الواقعية النقدية للروائي الفرنسي جوستاف فلوبير، وأندريه دي بلزاك، وفي أعمال الطبيعة الانطباعية لإميل زولا.

‏إلا أن الأديب الفرنسي جوستاف فلوبير هو المعبر الأول عن العدمية في رواياته، ثم أصبحت مذهباً أدبياً لعدد كبير من الأدباء في القرن التاسع عشر.

ويعد الأديب والشاعر والروائي الألماني جوتفريد بن من أبرز العدميين الذين وضحوا معنى العدمية كمذهب أدبي.

‏ماكس ستيرنير كان من أوائل الفلاسفة العدميين، تمخّضت عدميّته عند هجومه على الفلسفة المنهجية، وإنكار المطلق، ورفض جميع المفاهيم المجردة.

وبالنسبة إلى ستيرنر، فإن تحقيق الحرية الفرديّة هو القانون الوحيد، والدولة التي تضر بالحرية الفردية ضرورةً يجب تدميرها.

‏منذ مطلع القرن العشرين شغل فشل العدمية في جزئيّتها الإبستمولوجية، وسقوط المنظومة القيمية أو الأخلاقية، والذي نتج عنه ضياع حس الغائية الكونية، عقول الفنانين، والمفكرين، والنقاد الاجتماعيين، والفلاسفة.

‏وفي منتصف القرن العشرين ساهم الوجوديون في نشر وتعميم العدمية في محاولة لصقل إمكانيات وقدراتها التدميرية.

وبحلول نهاية القرن العشرين، فسح اليأس الوجودي المجال أم اللامبالاة كاستجابة للعدمية، والتي ارتبطت بالنزعة الأنتي-تأسيسية (النزعة التأسيسية المضادة).

1 إجابة واحدة

0 تصويتات
بواسطة (1.3مليون نقاط)
 
أفضل إجابة
الأسس الفلسفية لنقد ما بعد الحداثة؟

اسئلة متعلقة

1 إجابة
سُئل نوفمبر 8، 2023 في تصنيف تعليم بواسطة تزودنا (1.3مليون نقاط)
مرحبًا بك إلى تزودنا، حيث يمكنك طرح الأسئلة وانتظار الإجابة عليها من المستخدمين الآخرين.
...