في تصنيف ثقافة بواسطة (1.3مليون نقاط)

أبحاث علمية تُثبت خلق العظام قبل اللحم كما قال القرآن

بعض من لا يعرف دقائق العلم، قد يستدل بصورة جنين في بداية التكوين الجنيني، وهو يبدو كقطعة لحم، ويقول أين العظام التي ذكرها القرآن قبل اللحم؟. 

والبعض الآخر يجد عبارات موجزة في بعض كُتب علم الأجنة تقول بتحول القطع الجسدية (somites) إلى خلايا مكونة للعظام (Sclerotome)، وخلايا مكونة للعضلات (myotome)، وخلايا مكونة للجلد (dermatome)، فيفهم بالخطأ أن العلم يقول بخلق العضلات في نفس وقت تكون العظام، وأن القرآن أخطأ وخالف العلم حين قال بخلق العظام قبل اللحم في قول الله (فخلقنا المضغة عظاماً، فكسونا العظام لحما).

 فهل الأبحاث العلمية الحديثة توافق على هذا الإتهام أم تخالفه؟.

بلا أدنى شك الأبحاث الحديثة تخالف هذا الإتهام الباطل، وتوافق على ما ذكره القرآن من خلق العظام قبل العضلات، فلا يمكن لنص قُرآني صريح الدلالة أن يخالف العلم، ﻷنه نزل من عند خالق عليم، وإليكم التفصيل

خلق العظام في المُضغة المُخلقة وغير المُخلقة

لكي نحسن فهم مراد القرآن من خلق العظام قبل اللحم، لابد من فهم مرحلة المُضغة التي خُلقت فيها العظام، وما هو التوصيف العلمي لها.

قال الله (إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ تُرَابٍ ثُمَّ مِنْ نُطْفَةٍ ثُمَّ مِنْ عَلَقَةٍ ثُمَّ مِنْ مُضْغَةٍ مُخَلَّقَةٍ وَغَيْرِ مُخَلَّقَةٍ).

فبعد تعلق الجنين ببطانة الرحم في اليوم السابع بعد التلقيح، وتحول النطفة إلى علقة، يبدأ الجنين الذي يتركب من كتلة خلوية غير مُتمايزة (غير مُتخصصة لإنتاج أعضاء معينة)، يبدأ في التمايز إلى أنسجة جنينية وأخرى مشيمية، وتبدأ خلايا الدم والخلايا المشيجية الأولية في التكون في العلقة بداخل كيس المُح ( Yolk sac)، ثم يتكون القلب (مُضغة)، وبالتوازي مع تكون القلب تبدأ القطع الجسدية ( somites) في الظهور على جانبي القناة العصبية (neural tube)، والقطع الجسدية مُشتقة من خلايا الأديم المتوسط المجاور للقناة العصبية (paraxial mesoderm)، صورة (١). وهذه القطع الجسدية تعطي الجنين الشكل الممضوغ، والذي بسببه سمى القرآن هذه المرحلة (مُضغة).

ولو لم يذكر القرآن إعجاز غير هذه الآية الأخيرة (مُضغة مخلقة وغير مخلقة) لكفت كدليل هداية للعالمين، فمن أعلم النبي أن مرحلة المضغة، وليست النطفة أو العلقة، قد وصلت لهذه المرحلة من التكوين الداخلي الذي يحتوي أجزاء قد تخلقت، وأخرى لم تتخلق، فمُخلقة وغير مُخلقة صفتان لازمتان لوصف ذات المُضغة، قال بذلك القرطبي في تفسيره، ووضحه الطاهر إبن عاشور في التحرير والتنوير. 

وهذا المعنى متوافق مع آية (يخلقكم في بطون أمهاتكم خلقاً من بعد خلق)، فالجنين لا يُخلق دُفعة واحدة ولكن خلقاً من بعد خلق، فتظهر مكونات الأعضاء تباعاً، فما ظهر فهو مُخلق، وما لم يظهر فهو غير مُخلق. وإن شاء الله سيكون هناك بحث مُفصل عن التخليق داخل العلقة، والمضغة، وما فيهما من مُعجزات، وأقوال المفسرين في فهم وصف المُضغة بالمخلقة وغير المخلقة، والله المستعان.

مما سبق يتبين لنا أن القرآن يتكلم عن خلق العظام ثم كسوة اللحم في مرحلة المُضغة المخلقة وغير المخلقة، وهذا يعني وصف بداية ظهورها في مرحلة مبكرة من التكوين الجنيني، وذلك على صورة لا تشبه العظام الصُلبة كما قد يتوهم البعض، ثم يتم تعديلها وتسويتها لاحقاً لتصل مع الجنين إلى الشكل الإنساني النهائي، والدليل على ذلك قول الله بعد خلق العظام واللحم (ثم أنشأناه خلقاً آخر)، وهذا يعني أن ما قبل ذلك لم يكن شكل نهائي، وقال الله أيضاً (خلقك فسواك فعدلك في اي صورة ما شاء ركبك)، فالخلق الأول لا يكون مُكتمل ولكن بحاجة إلى تسوية وتعديل، وأيضاً قول الله (ثم كان علقةً فخلق فسوى)، أي خلق بعد العلقة مضغة وعظام ولحم على صورة غير مكتملة بحاجة للتسوية، والتعديل والله تعالى أعلى وأعلم.

 كيف تنشأ عظام، وعضلات الجنين؟

عظام الجنين على نوعين، محورية وطرفية، المحورية تنشأ أولاً من القطع الجسدية، بينما الطرفية تنشأ لاحقاً من براعم الأطراف، وإليكم التفصيل.

 أولاً: نشأة العظام المحورية

وهي اغلب عظام الجمجمة، والعمود الفقري، والضلوع وعظام الحوض، وتنشأ جنينيا من القطع الجسدية (Somites)، حيث تتمايز خلايا القطع الجسدية المعروفة باسم الخلايا الظهارية ( epithelial cells) إلى خلايا مكونة للعظم (sclerotome)، وذلك قبل تمايز الخلايا الجلد عضلية (dermatomytome)، والتي ستنقسم لاحقاً إلى خلايا عضلية (mytome)، وخلايا باطن الجلد (dermatome). 

ولابد هنا من نقل نص ما تقوله الأبحاث الحديثة، لأن البعض حين يقرأ في بعض المراجع أن خلايا القطع الجسدية الظهارية تتمايز إلى خلايا مكونة للعظام والعضلات والجلد، أو أحياناً تقول تتمايز إلى خلايا عظمية، وخلايا جلد عضلية، فيظن من يقرأ هذه العبارة الموجزة أن خلق العضلات يصاحب خلق العظام، وهذا غير صحيح بالمرة، فخلايا العظام تسبق تحول الخلايا الظهارية للقطع الجسدية إلى خلايا الجلد عضلية، وإليكم الأدلة العلمية في النقاط الأربعة التالية:

١. في بحث بعنوان (somatogenesis)، يقول نصاً

cells in the ventral part of the somite de-epithelialise to form the sclerotome.

الترجمة

خلايا الجزء البطني (قرب القناة العصبية) للقطع الجسدية تتحول من خلايا ظهارية إلى خلايا مكونة للعظام.

وفي موضع آخر يقول نفس البحث

 dermomyotome cells from the dorsal part of the somite remain epithelial. 

الترجمة

الخلايا المكونة للجلد والعضلات، من الجزء الظهري للقطع الجسدية (بعيدة عن القناة العصبية) تبقى خلايا ظهارية.

٢. ونفس الكلام السابق تم ذكره في بحث آخر بعنوان

Neural Patterning: Spinal Cord Segmentation and Somite Patterning

حيث يقول نصاً

sclerotome arises from the ventro-medial somite cells.

الترجمة

الخلايا المكونة للعظم تنشأ من خلايا القطع الجسدية في الجهة البطنية الوسطية (الخلايا التي تحيط بالقناة العصبية).

ثم يقول في موضع آخر

 The dermomyotome derives from the remaining dorso-lateral somite, differentiating into axial dermis and skeletal muscle.

الترجمة

الخلايا الجلد عضلية dermatomytome تُشتق من بقايا خلايا القطع الجسدية الظهرية الجانبية، والتي تتمايز لاحقاً إلى خلايا الجلد والخلايا العضلية.

٣. ومع أن ما سبق يكفي لإثبات تكون العظام قبل العضلات، ولكن إفحاماً لكل من تطاول على القرآن فاتهمه بمخالفة العلم، فإليكم هذا البحث الذي يثبت أن خلايا العظام تفرز مواد تنشط تحول الخلايا المكونة للعظام إلى غضروف ثم عظام، وفي نفس الوقت تفرز مادة تثبط تكون العضلات.

٤. والآن دعونا نتابع بالتاريخ متى يحدث تكون للخلايا العظمية، ومتى يتم تغطيتها بالعضلات في الفئران، وهي قريبة من الإنسان، حيث الأبحاث على أجنة الإنسان صعبة. المهم في الفئران وجدوا أن خلايا العظام تنشأ في اليوم الثامن من الحمل، بينما المواد المُنشطة لتكون الخلايا العضلية تنشأ بين اليوم التاسع إلى الرابع عشر تقريباً، مما يثبت تكون خلايا العظام قبل العضلات. 

ثانياً: تكون عظام الأطراف

إثبات تكون العظام قبل العضلات في الأطراف أسهل كثيراً، حيث تنشأ براعم الاطراف في الأسبوع الرابع من الحمل تقريبا، وتتكون داخلها خلايا غضروفية تتحول لاحقاً إلى العظام، أما العضلات فتهاجر للبراعم الطرفية من الخلايا العضلية التي تكونت سابقا في القطع الجسدية، وعندما تصل لبراعم الأطراف تقوم بكسوة الخلايا الغضروفية، وهذا يثبت تكون عظام الاطراف قبل كسوتها بالعضلات.

خلاصة ما سبق

مما سبق يتبين لنا بجلاء أن هذه الشُبهة تزول بفهم أن الخلايا المولدة للعظم (sclerotome) تتكون أولاً من الخلايا الظهارية للقطع الجسدية، بينما باقي الخلايا الظهارية تبقى كما هي وتتحول لاحقاً إلى خلايا جلدعضلية (dermatomyotome)، وتنقسم لاحقاً إلى خلايا جلدية وأخرى عضلية تكسو العظام التي سبق تكونها. وهذه الخلايا العضلية تهاجر لاحقاً لتكسو الخلايا الغضروفية التي سبق تكونها في براعم الاطراف. وصدق الله إذ يقول (فخلقنا المضغة عظاماً. فكسونا العظام لحما)، فلا يمكن للعلم الصحيح ان يخالف نص قرآني صريح، ولله الحمد والمنة على نعمة الإسلام وكفى بها نعمة.

1 إجابة واحدة

0 تصويتات
بواسطة (1.3مليون نقاط)
 
أفضل إجابة

أبحاث علمية تُثبت خلق العظام قبل اللحم كما قال القرآن

اسئلة متعلقة

مرحبًا بك إلى تزودنا، حيث يمكنك طرح الأسئلة وانتظار الإجابة عليها من المستخدمين الآخرين.
...