مفهوم الأسلوبية و أهم اتجاهاته؟
- مفهوم الأسلوبية :
الأسلوبية هي المقابل للمصطلح الأجنبي (stylistique ، (و هو دال مركب من الجذر الأسلوب ( style (واللاحقة ية( ) (ique " ؛ ) ودلالة الأسلوب نسبية ، فهو ذو بعد إنساني ذاتي ، وأما اللاحقة فتتصل بالبعد العلمي العقلي ، وبالتالي الموضوعي ، ويمكن فك الدال الاصطلاحي إلى مدلوله عما يوافق عبارة علم الأسلوب (style de science (وبذلك تعرف الأسلوبية بداهة بالبحث عن الأسس الموضوعية لإرساء علم الأسلوب، وتجدر الإشارة إلى أن العديد من الدراسات تستعمل مصطلح الأسلوبية مثل : دراسات منذر عياشي وخاصة عند ترجمته لكتاب (الأسلوبية) لبيير جييرو ، و عبد السلام المسدي في كتابه (الأسلوب والأسلوبية) ، وأما مصطلح علم الأسلوب فهو الذي تعامل به شارل بالي واستخدمه صلاح فضل في كتابه ( علم الأسلوب) و شكري عياد في مؤلفه (مدخل إلى علم الأسلوب) .
يلاحظ الباحث في حقل الأسلوبية تباين الباحثين في تحديد مفهوم ثابت لها ، وكذا افتراقهم في معاملة الأسلوبية ، والتعريف بها كعلم أو منهج أو حقل ؛ ويرجع ذلك لاختلاف رؤى الباحثين والنقاد و مشاربهم الفكرية ، رغم ذلك فكلها تجتمع على اعتماد المنهج اللغوي حسب التصور اللساني الحديث .
لذا يمكن أن نفرق بين اتجاهين عامين لتحديد مفهوم للأسلوبية :
ـ الاتجاه الأول: ينطلق في تحديد مفهوم الأسلوبية من ماهيتها وأهم خصائصها ؛ أي من كونها منهجا له حدوده و أدواته الإجرائية ، فحسب دولاس الأسلوبية تعرف بأنها منهج لساني وهي لسانيات تعنى بحمل لدراك مخصوص حسب ريفاتير أو هي علم مواز للسانيات وليست فرعا منها كما صرح بذلك ستيفن أولمان ،مادامت الأسلوبية تتخذ منظور المفاهيم السابقة للأسلوبية تثبت للسانيات سلطانا على الأسلوبية إلا أن المفهوم الذي قدمه أولمان يبوئ الأسلوبية طاقة تجر اللسانيات نحو ممارسات متجددة ، وفي ذلك إثبات لاستقلال الأسلوبية عن اللسانيات استقلالا ذاتيا.
ـ أما الاتجاه الثاني: فينطلق في تحديد مفهوم الأسلوبية من خلال وظيفتها ، ومن هنا تتعدد زاوية النظر لوظيفة الأسلوبية ، ومعها تختلف المفاهيم التي تكون عادة قاصرة على جوانب دون أخرى .
أـ فهي بحث في لغة النص ، إذ يرى دولاس أن " الأسلوبية بحث عن الأسس الموضوعية لإرساء علم الأسلوب، و جاكبسون يعتبرها بحث مستويات الخطاب أولاً وعن سائر أصناف الفنون الإنسانية ثانيا.
ب ـ وهي وصف للغة النص ، حسب طرائق مستقاة من اللسانيات كما يرى ميشال اريفي
- أي وصف لغة النص باستخدام الإجراءات اللسانية من تقطيع فونيمي و مورفيمي، وغيرها من الأدوات اللسانية .
ج ـ هي دراسة للغة النص ، وفيها تدرس اللغة ضمن نظام الخطاب من خلال دراسة الخصائص اللغوية التي يتحول عبرها الخطاب من سياقه الإخباري إلى وظيفته التأثيرية الجمالية حسب تصور أولمان.
فمفاهيم هذا الاتجاه مرتبطة بشكل منطقي ، وعبر اجتماعها تحدد مفهوم كلي للأسلوبية من الزاوية الوظيفية ، فالأسلوبية : بحث في لغة النص من خلال مستوياتها المختلفة بما تحمله من قيم أسلوبية ، ثم وصف هذه القيم ، وأخيرا دراسة النتائج المحصل عليها.