في تصنيف ثقافة بواسطة (1.3مليون نقاط)
قال تعالى: { ولقد أخذنا آل فرعون بالسنين}

ما معنى (السنين)؟

نرحب بكم زوار موقع تزودنا التعليمي، الذي يزودكم بالإجابة على السؤال:

السؤال هو:

قال تعالى: { ولقد أخذنا آل فرعون بالسنين}

ما معنى (السنين)؟

إجابة السؤال هي:

أيّ كتاب تفسير فتحناه لنبحث عن تفسير كلمة السنين التي جاءت في الآية سنجد بأنها فُسّرت كجمع لكلمة سنة، وأنّ كلمة سنة تأتي في اللغة العربية كذلك بمعنى جدب وقحط، لكن عندما نتدبر القرآن بقواعده، ونعلم بأن الله تعالى لا يكرّر كلامه، وقد أحكم آياته، ونزلها بلسان عربي مبين، وصرف لنا الأمثال, نستطيع أن نعلم هل أخطأ الذين من قبلنا أم أصابوا القول.

فإذا كانت كلمة السنين في قوله تعالى[وَلَقَدْ أَخَذْنَا آلَ فِرْعَوْنَ بِالسِّنِينَ] تعني الجدب والقحط, فلماذا سيكرّر كلامه سبحانه في نفس الآية ويقول[وَنَقْصٍ مِنَ الثَّمَرَاتِ]؟ ألا يدلّ هذا على القحط؟ أولم يقل تعالى في سورة يونس5[هُوَ الَّذِي جَعَلَ الشَّمْسَ ضِيَاءً وَالْقَمَرَ نُورًا وَقَدَّرَهُ مَنَازِلَ لِتَعْلَمُوا عَدَدَ السِّنِينَ وَالْحِسَابَ]؟ أولا يدلّ هذا على أن كلمة سنين التي جاءت كجمع لكلمة سنة, جعلها الله تعالى لحساب المدة الزمنية فقط, والتي تُحسب بتعاقب الأيام والشهور, ولا علاقة لها بصفة أو نوعية تلك المدة؟

بلى, ولهذا صرّف الله تعالى الأمثال في القرآن حتى لا نزيغ عن فهم آياته, ومنها ما جاء في سورة الكهف 11[فَضَرَبْنَا عَلَى آذَانِهِمْ فِي الْكَهْفِ سِنِينَ عَدَدًا] وكذلك في سورة الكهف 25[وَلَبِثُوا فِي كَهْفِهِمْ ثَلَاثَ مِائَةٍ سِنِينَ وَازْدَادُوا تِسْعًا] والأمثلة كثيرة في القرآن, والتي تُبيّن أن كلمة سنين التي تكون كجمع لكلمة سنة, لها دلالة واحدة وهي المدة الزمنية فقط, ولا علاقة لها بنوعية تلك المدة.

فلكي نبيّن دلالة كلمة سنين التي جاءت في قوله تعالى[وَلَقَدْ أَخَذْنَا آلَ فِرْعَوْنَ بِالسِّنِينَ] وجب علينا أن نأخذ بعضا من الأمثلة التي صرّفها عز وجل في القرآن, فهو قال في سورة المؤمنون64[حَتَّى إِذَا أَخَذْنَا مُتْرَفِيهِمْ بِالْعَذَابِ إِذَا هُمْ يَجْأَرُون] وقال كذلك في سورة المؤمنون76[وَلَقَدْ أَخَذْنَاهُمْ بِالْعَذَابِ فَمَا اسْتَكَانُوا لِرَبِّهِمْ وَمَا يَتَضَرَّعُونَ] وهنا كما نرى, عندما قال تعالى أخذناهم في الآيتين معا, جاء بكلمة العذاب أي أنه يأخذ بالعذاب ولا علاقة له بالمدة الزمنية, وكلمة العذاب هي بالمفهوم العام, لكن في الأمثلة الأخرى التي صرّفها تعالى في القرآن, بيّن سبحانه وحدّد نوع العذاب الذي أخذ به الذين يستحقونه, فقال مثلا في سورة الأعراف 94[وَمَا أَرْسَلْنَا فِي قَرْيَةٍ مِنْ نَبِيٍّ إِلَّا أَخَذْنَا أَهْلَهَا بِالْبَأْسَاءِ وَالضَّرَّاءِ لَعَلَّهُمْ يَضَّرَّعُونَ] فهنا كما نرى, عيّن تعالى نوع العذاب, وهو البأساء والضراء, فعندما يقول تعالى أخذنا, فهو لا يأتي بالمدة الزمنية, ولكن بالعذاب بصفة عامة, أو يعيّن نوع ذلك العذاب(وليس الهلاك), وهذه من الطرق التي أحكم بها سبحانه آيات الكتاب.

فعندما قال تعالى[وَلَقَدْ أَخَذْنَا آلَ فِرْعَوْنَ بِالسِّنِينَ] فهذا يعني أن كلمة سنين هي دلالة على نوع من العذاب, وليس المدة الزمنية أو نوعيتها, ولهذا وجب علينا أن نتدبر الآية بهذه الدلالة حسب الطريقة التي أحكم بها تعالى آياته, ثم فصّلها في أمثلة.

فكلمة سنين جاءت في الآية مجرورة بحرف الباء ككلمة بنين, وعندما تكون مرفوعة نقول سنون كما هي بنون, والتي هي جمع سَنُّ, فنقول سنّ الطعام أو الشراب, يعني سنه وفسد, ونقول سنهت النخلة, يعني أتت عليها السّنون أي ما يسنه إنتاجها فهي سنهة أو سنهاء, فالسّنُّ إذًا هو ما يسنه ويُفسد الطعام والشراب أو غيرهما, ولهذا قال تعالى في سورة البقرة 259[فَانْظُرْ إِلَى طَعَامِكَ وَشَرَابِكَ لَمْ يَتَسَنَّهْ]

فعندما قال تعالى[وَلَقَدْ أَخَذْنَا آلَ فِرْعَوْنَ بِالسِّنِينَ] فهو عيّن سبحانه نوع العذاب الذي أخذ به آل فرعون, أي أنه أرسل ما يسنه طعامهم وشرابهم , وهذه السّنون بيّنها تعالى قائلا في سورة الأعراف133[فَأَرْسَلْنَا عَلَيْهِمُ الطُّوفَانَ وَالْجَرَادَ وَالْقُمَّلَ وَالضَّفَادِعَ وَالدَّمَ آيَاتٍ مُفَصَّلَاتٍ فَاسْتَكْبَرُوا وَكَانُوا قَوْمًا مُجْرِمِينَ] والكل يعلم بأن الطوفان يسنه الطعام والشراب فهو إذًا سنّ, والجراد يسنه الطعام فهو إذًا سنّ, والقمّل يسنه الطعام فهو أيضا سنّ, والضفادع تسنه الشراب فهي إذًا سنّ, والدّم يسنه الشراب فهو أيضا سنّ, وكل هذه الأشياء أرسلها تعالى كسنين ليسنه طعام وشراب آل فرعون كعقاب لهم لعلهم يضّرّعون وليس ليهلكهم, وأصابهم كذلك بما يُنقص من الثمرات, وقد يكون الجفاف مثلا, فهو سبحانه أرسل ما يُفسد ما كان لديهم من طعام وشراب, وكذلك ما يؤدّي إلى نقص في الإنتاج الزراعي.

وهكذا يتبيّن بأن الله تعالى لا يكرّر كلامه, وانه أحكم آياته, ولا يمكن أن تكون لكملة واحدة أكثر من دلالة حتى لا يكون كتاب الله تعالى قرآنا ذا عوج كرجل فيه شركاء متشاكسون, ولكن الله تعالى جعل كتابه قرآنا غير ذي عوج كرجل سلما لرجل.

فهنا يتبيّن بأن ليست كل كلمة سنين في القرآن هي جمع لكلمة سنة, وإنما قد تكون كجمع لكلمة أخرى, وهذا يتبين حسب القرينة التي جاءت في الآية كقوله تعالى[وطور سنين] ونفس الشيء لكلمة نساء في القرآن فهي لا تأتي كجمع لكلمة امرأة فقط وإنما كمصدر لفعل نُسِئ وليس نَسَأ لأن مصدر نسأ هو نسيء, وكل هذا يتبيّن حسب القرينة التي جاءت في الآية, وهذا ما سأحاول تدبره في المنشور التالي إن شاء الله

والله هو العليم الحكيم الخبير.

1 إجابة واحدة

0 تصويتات
بواسطة (1.3مليون نقاط)
 
أفضل إجابة
قال تعالى: { ولقد أخذنا آل فرعون بالسنين}

ما معنى (السنين)؟

اسئلة متعلقة

1 إجابة
سُئل أبريل 16، 2023 في تصنيف واجبات مدرسية بواسطة تزودنا (1.3مليون نقاط)
مرحبًا بك إلى تزودنا، حيث يمكنك طرح الأسئلة وانتظار الإجابة عليها من المستخدمين الآخرين.
...